التعليم بالحبِّ ” ألا تفكّر بأن تجعل حياتك التعليمية رائعة وممتعة؟”

ألا تفكّر بأن تجعل حياتك التعليمية رائعة وممتعة، لِمَ لا تكونُ صاحِبَ الدَّرسِ المُفضَّلِ لدى طلابِك؟ متى سيأتي اليوم الذي يحبك طلابك فيه؟ وتٌعرَفُ بالمعلِّم المحبوب، إنَّ الأمرَ يتطلَّب القليل من المهارات إلى جانب الكثير من الإرادة والصَّبر، كما أنَّ توجهَكَ نحو التَّعليم بالحب هو الخيارُ الأمثل لتحوِّلَ صعوباتِ التَّعليمِ إلى متعةٍ منقطعةِ النّظيرِ.

بدايةً سأبتعدُ _ في تدوينتي هذه _ كلَّ البعدِ عن التنظير الممقوت الذي يصدِّعُ الرؤوس، ولكن سأتحدث من منطلق التجربة العمليّة والخبرة الميدانيّة ، وبكل تأكيد إنَّ كلَّ واحدٍ منَّا قد مرَّ في حياته أحبَّهُ وأثَّرَ في شخصيتِهِ، وربَّما جَعلَهُ يُحِبُّ المادةَ التي كرهَها لسنين، إضافة إلى أنَّ ذلك فقد يؤثِّر المعلّم في الطالب لدرجةِ أنَّه يغيُّرُ مجرى حياتِهِ.

ولكن السؤال هنا، كيف أصل إلى هذه الدرجة من الحب والتقدير في عيون طلَّابي؟ اِعلم أنّك إذا اتصفت بالصفات الآتية فإنَّك بالتأكيد ستصلُ إلى قلوبِ طلابِّكَ

يحبُّك طلابك إذا كنت ذا شخصيّة قويّة

من خلال اللقاء الأوَّل مع الطلاب تستطيعُ إبراز ملامح شخصيتك، كما أنَّ هذا اللقاء سيكون الحجر الأوّل في بناء علاقتك مع طلابك خلال عام كامل، فإذا كان هذا الحجر قويًّا فستبني علاقة مميّزة يسودها الاحترام والتقدير والحبُّ، وإن كان مهلهلًا فستجد صعوبةً بالغةً في ترقيعِ ما تمزق، وعلى العموم ربما تتساءل عن أدوات وملامح الشخصيّة القويّة، ولذلك أضع بين يديك مجموعة من الإجراءات التكتيكيّة والاستراتيجيّة لشخصيّة قويّة ومحبوبة

  • الثقة بالنَّفس، إضافة إلى عدم التردد في الكلام.
  • التّعريف بالنَّفس مع ذكر المؤهلات والإنجازات، دون الاستغراق في ذلك.
  • استخدام طبقة صوت واضحة ومفهومة.
  • الكلام باللغة العربيّة الفصحى، بعيدًا عن التقعّر المقيت.
  • الاعتناء باللباس، والعِطر، إضافة إلى تسريحة الشَّعر.
  • إظهار إمكانياتك التدريسية من خلال أشياء بسيطة ومسليّة.
  • الحزم في التّعامل مع المشكلات، إلى جانب الثبات على المواقف.

التمكّن من المادّة العلميّة

إذا امتلك المعلِّمُ كلَّ مقومات النجاح إلّا أنّه كثير الأخطاء في مادته، فإنَّ الثِّقة به ستضعُف، وربما يصل الطلاب إلى درجة كبيرة من ازدرائه، ولكن هذا لا يعني أنَّ المعلِّم لا يُخطئ أو ينسى، فهو بشر، ولكنَّ أخطاءه معدودة أو نادرة.

الحبُّ

ينقسم حبُّ المعلِّم إلى قسمين، هما

  • حبُّ المعلِّم لمهنته ولمادته التي يدرسها
  • إضافة إلى حبّه لطلابه

 إذا فقد المعلِّمُ هذين العنصرين أو أحدهما، فبكل تأكيد لن يجني من عدم المحبّة إلَّا الجفاء.

الثَّقافة الواسعة

يحبُّ الطالبُ أن يسمعَ من أستاذه معلومات إضافيّة غير معلومات الكتاب وذلك في موضوعات متنوعة، كما أنًّ تلك المعلومات أحيانًا تبقى في ذهنِ الطَّالب سنوات، ولكن كيف السبيل إلى تنمية الثَّقافة؟

  • القراءة، ثُمَّ القراءة، ثمَّ القراءة.
  • مشاهدة الأفلام الوثائقية.
  • متابعة الأخبار العالميّة.

احترام وقت الطلاب

أنا أجزم أنَّ كثيرًا من المعلمين لا يدركون أهميَّة هذهِ النقطة، وخصوصًا أوقات الاستراحات، فهي بالنسبةِ للطالبِ وقتٌ مُقدّسٌ بكل معنى الكلمة، حتَّى أنَّني على المستوى الشخصي أبغِضتُ كثيرًا من الحِصص، فقط لأنَّ المعلِّمَ ينالُ من وقتِ استراحتِنا.

حسنُ الاستماع

 يمكنك أن تجعل طلابك يكرهونك بمجرد الاستبداد في حصتك، حيث تلزمهم أسلوب تفكير واحد وطريقة واحدة في التعبير.

يحبك طلابك إذا كنت مبتسمًا

تختصرُ الابتسامة الكثير من التعابير والكلمات، إلّا أنَّ الإبداع في معرفة الوقت الذي تصحُّ فيه الابتسامة، ولكن على العموم يجب أن يكون التبسُّمُ سمةً عامةً لك.

توزيع النَّظرات خلال الدّروس

نقطة مهمّةٌ للغاية، حيثُ إنَّ الخطأ يكون عند المعلِّم الذي يركّز على الطلاب الأذكياء فقط، ومن الحكمة حسن التوزيع بحيث يشعر كلُّ طالب أنّه ذو مكانة عند أستاذه.

كن مرحًا حتى يحبك طلابك

لا بأس أن يبحث المعلِّمُ عن الأمثلة المرحة الجالبة للضحك خلال الدروس، أو أن يمازحَ الطلاب في أثناء الدُّروس، ولكنَّ المرح قد يؤدِّي إلى نتائج عكسيَّة إذا زاد عن الحدِّ المطلوب.

الاهتمام بأسماء الطُّلاب

عندما يعلم الطالب أنَّك تحفظ اسمه، سيدرك أنَّه ذو مكانة عندك، وسيقوى حبل المودة بينكما، ولكن أين المكان الأمثل لاستخدام الاسم؟

  • في أثناء الحديث معه في الصَّف
  • عند كتابة الملاحظات في الدَّفتر
  • خلال الحديث عنه مع الأهل

يحبك طلابك إذا ابتعدتَ عن التعقيد

إنَّ الحصول على ثمرة التعليم لا يكون بالتعقيد، حيث يخطئ بعضُ المعلمين بجعل مادتهم الدراسيّة معقدة ظننًا منهم أنَّ هذه الطريقة تجعل الطلاب يهتمون أكثر بها، ويصبح التعقيد عندهم غايةً دائمة، وبالتالي يصل الطلاب إلى مرحلة النُّفور.

وعلى سبيل المثال، يستطيع المعلِّم تسهيل مادته من خلال بعض الإجراءات، ومنها:

  • تلخيص الدّروس والقواعد
  • إهمال الحشو الذي قد يكون موجودًا في بعض الدّروس
  • اعتماد أسلوب الخرائط الذهنية من أجل تسهيل الدراسة
  • إقامة النشاطات والمسابقات الصفيّة
  • استخدام الأسئلة الواضحة والمفهومة في الامتحان.

يحبك طلابك إذا رأَوا منك الاهتمام

عندما يشعرُ الطَّالبُ باهتمام معلّمهِ بشؤونه، إضافة إلى مشاركته في أوقات حزنه وفرحه، وإن كان ذلك من خلال بعض الكلمات المؤثِّرة، فإنَّ ذلك يؤدّي إلى إكبار الطالب لمعلّمه، إضافة إلى زيادة حبِّه وتقديره.

عدم التهديد الدائم بإنقاص الدرجات

أغلى ما يملكه الطالب في مدرسته هو درجاته، وهي وسيلة ناجعة للعقاب ولكن لا ينبغي أن تكون وسيلة ضغط دائمٍ؛ لأنَّ ذلك يجعل في قلبه حقدًا ربَّما يدوم وقتًا طويلًا يصعب نسيانه.

ربط الدّروس بأمثلة واقعية

يعتقد كثير من الطلاب أنَّ ما يتعلمونه في المدرسة، بخلاف ما يعيشونه في واقعهم، ولذلك إنَّ المعلِّم الذي يسقط المعلومات على الحياة الواقعية يشبع ما يريد أن يجده في دروسه.

ويمكنك أن تجيد إسقاط الدروس على الواقع من خلال بعض الأدوات الآتية

  • الخبرة المتراكمة
  • الاستفادة من خبرات الزملاء
  • الفهم العميق للمادة الدراسية
  • الاطلاع والبحث في الشبكة العنكبوتية واستلهام أفكار جديدة

في الختام، لا أظنُّ أنَّ مقومات المعلِّم المحبوب التي ذكرتها ليست بالصفات مستحيلة التحقيق، كما أننّي اعتقد أنَّ كلامي كان بعيدًا عن التنظير الذي نراه في كثير من الكتب، أو نسمعه من المنظرين، وبكل تأكيد إذا تمكّن المعلِّم من قلوب طلابه فإنَّه سيعيش حياة مهنية وتعليمية غاية بالروعة والسّعادة.